بقلم أسامة عبد العزيز
● ٢٢ مايو ٢۰١٩
السياحة الثقافية
أعلن الإتحاد الأوروبي عن عاصمة الثقافة الأوروبية لعام ٢٠١٩، وهي ماتيرا في إيطاليا. إنه ليس مجرد لقب: ولكن كونها عاصمة الثقافة الأوروبية فهذا يمنح المدينة الفرصة لتنظيم سلسلة من الأحداث ذات الاهتمامات الثقافية وشخصية أوروبية واضحة لمدة عام كامل، وهي فرصة لتلقي المزيد من المزايا الاقتصادية والاجتماعية أيضًا.
في الواقع، لتنظيم جميع الفعاليات التي ستجري خلال العام المحدد، ستتلقى الإدارة المحلية أرصدة من الصناديق الوطنية والأوروبية المستثمرة في مشاريع حضرية لتجديد المدينة ببنية تحتية حديثة ومباني لاستضافة الفعاليات والسياح المتوقع زيارتهم لها مما سيوفر ظهور عالمي للإقليم.
استغلت ماتيرا فرصتها للخروج من السمعة التي تقع فيها العديد من مدن جنوب إيطاليا، بسبب عدم التنظيم مع عدم كفاية الخدمات ونقص الفرص لمواطنيها. مع توقع مئات الآلاف من السياح والزوار، تستعد المدينة منذ فترة طويلة تقدر بـ ٥٠ أسبوعًا لتكون جاهزة للأحداث والفعاليات، وكلها تهدف إلى نشر رسالة مفادها أن الثقافة يجب أن تكون في متناول الجميع. “Matera 2019 Open Future”، هو شعار المدينة، الذي تم منحها لقب هذا العام وفي نفس العام تم إنشاء مؤسسة “Matera-Basilicata 2019” لإدارة جميع الاستثمارات للتأكد من أن كل شيء سيكون جاهزًا لحفل الافتتاح.
ولكن هذا لم يكن الحال فقط. فبغض النظر عن مبلغ الـ ٤٨ مليون يورو (٥٥ مليون دولار) الذي استثمرته بالفعل كل من بروكسل وروما، إلى جانب التمويل الخاص الإضافي، فإن بعض أعمال البنية التحتية لم تكن جاهزة في الوقت المحدد. لا تزال شركة Anas ، وهي شركة مملوكة للحكومة مسؤولة عن الطرق السريعة، تنهي أعمال البناء لربط ماتيرا بأقرب مطار وبمدينة باري القريبة. هناك طريق آخر يربط المدينة ببقية منطقة بازيليكاتا التي لم تكمل بها بعد أعمالها الجارية، كما أن سكة حديد القطارات عالية السرعة التي ستربط المدينة إلى ساليرنو لم يتم الانتهاء منها في الوقت المحدد. للوصول إلى المدينة بالقطار؛ ستكون هناك بعض الخطوط القديمة التي تستغرق ساعات للسير لبعض عشرات الكيلومترات.
تمثل إمكانية الوصول إلى المدينة المشكلة الرئيسية للمؤسسة فيما يتعلق بالفعاليات، ولكنها ليست القضية الوحيدة. تتوقع المدينة قدوم ٧٠٠٠٠٠ سائح ومنصات الحجز عبر الإنترنت تسجل ٣٠٪ أكثر من الحجوزات المتوقعة. بالفعل في العام الماضي، عندما وضعت صحيفة نيويورك تايمز ماتيرا في المرتبة الثالثة من قائمة الأماكن التي يتعين زيارتها في عام ٢٠١٨، انتقل السياح بعدد ٢٥٠٠٠٠ إلى ٢٨١٠٠٠، في مدينة بها ٥٤٠٠ مكان إقامة فقط.
كانت ماتيرا قبل نصف قرن مصدر “خجل” لإيطاليا بسبب الفقر المدقع المتفشي بين سكانها، لكن المدينة تمكنت من تحسين صورتها ومن إنقاذ كهوفها وقصورها الباروكية وكنائسها القديمة، وهي جهود توجت باختيارها لتكون عاصمة أوروبية للثقافة لسنة ٢٠١٩.
وعن هذا الإنجاز، قال رئيس بلدية مدينة ماتيرا في جنوب البلاد رافايل دي روجيري “صحيح أننا انتقلنا من الخزي إلى المجد”. تعقيباً على تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي السابق ألتشيده دي غاسبيري، أحد مهندسي الوحدة الأوروبية، حيث وصف فيها خلال الخمسينات مدينة ماتيرا بأنها “مصدر خجل وطني” بسبب ظروف البؤس فيها.
وفي تلك الفترة أقام سكان المدينة الإيطالية (الجنوب) في كهوف يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم، من دون كهرباء ولا مياه جارية أو قنوات صرف صحي. لكن وعقب مضي نصف قرن، تطمح المدينة لاستقبال مئات آلاف الزوار لاكتشاف ثقافتها وتراثها في هذه الكهوف نفسها التي تم ترميم عدد كبير منها.
يجب أن تستفيد ماتيرا من الفرصة التي أتت إليها من الاستثمارات الوطنية والأوروبية، ومن اهتمام وسائل الإعلام التي ستحصل عليها المدينة مع زيادة السياحة، ومن فرص العمل التي ستخلقها الفعاليات للسكان المحليين. حتى لو كانت هناك العديد من التحديات المقبلة، فهذه هي الفرصة لماتيرا لوضع أخيرًا حد لسمعة تمتد لقرون كمثال على الفقر والتدهور.
قبل اختيار اليونسكو كموقع للتراث العالمي في عام ١٩٩٩، كانت ماتيرا واحدة من أفقر المدن في البلاد. بعد أن سكن الناس منذ العصر الحجري القديم، عندما بدأ الناس في بناء ملاجئهم التي تحفر في منطقة التوفا، حظت ماتيرا وكهوفها باهتمام واسع النطاق خلال عصر الفاشية، عندما كتب كارلو ليفي، الكاتب الذي نفاه الدكتاتور بينيتو موسوليني إلى مدينة مجاورة، أنه لم يسبق له رؤية مثيل “هذه الصورة للفقر”. بعد الحرب العالمية الثانية، أعلن رئيس الوزراء ألسيد دي جاسبيري حالة الطوارئ في ماتيرا ووصف المدينة بأنها “عار وطني”.
بعد ذلك، تم إخلاء المدينة ونقل سكانها إلى المناطق المحيطة، وتركت ماتيرا تبدو وكأنها صحراء منذ عقود. عندما أدرجت اليونسكو Città dei Sassi، حرفيًا مدينة الأحجارفي تراثها، الآن يمكن لهذا اللقب، الذي يعود إلى إيطاليا بعد ١٥ عامًا منذ جنوة ٢٠٠٤، أن يعيد مرة أخرى إصلاح فكرة العالم عن جنوب إيطاليا وكيف تتم الأمور في مدن هذه المنطقة. هذه فرصة حاسمة لماتيرا.
كان الناس هنا يعيشون في منازل ضمن الكهوف في ساسي ذلك منذ ثمانية آلاف سنة. نريد الآن أن نفكر في الألف القادمة.
التحدٍي الذي واجهه مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي هو اختيار ماتيرا لتكون عاصمة الثقافة الأوروبية لعام ٢٠١٩.
اليوم مدينة روكس أو ساسي، هي وجهة ثقافية رائعة حيث يمكن اختبار التقنيات الجديدة. إنه أحد أفضل مناطق الجذب السياحي في جنوب إيطاليا ووجهة للطهي تمكنك من اكتشاف المنتجات التقليدية لبازيليكاتا التي يمكنك تذوقها في الوصفات الإقليمية التقليدية والأطباق المقدمة في مطاعم Ospitalità Italiana.
مهرجان “Festa della Bruna” الذي يعود إلى قرون من الزمن يقدم فرصة لرقمنة أرشيف التراث الثقافي ومشاركته عبر الإنترنت من خلال قناة تلفزيونية. كلمة السر هنا في ماتيرا هي “العمل المشترك”. هم يعملون من أجل المجتمع ومن أجل السياح الذين يتمتعون كزوار ولو حتى ليوم واحد فقط بفرصة للانضمام إلى مشروع ثقافي دولي كبير.
يكمن نجاح ماتيرا كعاصمة للثقافة الأوروبية في قدرتها على زيادة عدد السياح ليس فقط للمدينة ولكن للمنطقة بأسرها. علاوة على ذلك، تجذب هذه الزاوية الجنوبية بشكل أساسي السياح الأوروبيين الذين يختارون السفر إلى هذا المكان الخاص للاستمتاع بتجربة فريدة تمكن كل ضيف جديد من أن يصبح “مقيمًا ثقافيًا”، أي مواطن مسؤول يعترف بالثقافة باعتبارها خيار فكري لا مجال لتحييده.
كانت ماتيرا قبل نصف قرن مصدر “خجل” لإيطاليا بسبب الفقر المدقع المتفشي بين سكانها، لكن المدينة تمكنت من تحسين صورتها ومن إنقاذ كهوفها وقصورها الباروكية وكنائسها القديمة، جهود توجت باختيارها لتكون عاصمة أوروبا للثقافة لسنة ٢٠١٩.
وعن هذا الإنجاز، قال رئيس بلدية مدينة ماتيرا في جنوب البلاد رافايل دي روجيري “صحيح أننا انتقلنا من الخزي إلى المجد”. وتصريحات رئيس الوزراء الإيطالي السابق ألتشيده دي غاسبيري، أحد مهندسي الوحدة الأوروبية، التي وصف فيها خلال الخمسينات مدينة ماتيرا بأنها “مصدر خجل وطني” بسبب ظروف البؤس فيها.
وفي تلك الفترة أقام سكان المدينة الإيطالية (جنوب) في كهوف يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم، من دون كهرباء ولا مياه جارية أو قنوات صرف صحي. لكن وعقب مضي نصف قرن، تطمح المدينة لاستقبال مئات آلاف الزوار لاكتشاف ثقافتها وتراثها في هذه الكهوف نفسها التي تم ترميم عدد كبير منها.
وتعتبر ماتيرا ثالث أقدم مدينة في العالم بعد حلب في سوريا وأريحا في الضفة الغرية المحتلة. وتتضمن منازل محفورة في الصخر تطل على وديان سحيقة وتسمى “ساسي”.
ويؤكد رئيس البلدية “ثمة آثار تثبت وجود الإنسان فيها منذ ثمانية آلاف سنة”. ويضيف باولو فيري “لذا نريد سياحة بطيئة” أملا في استقطاب هواة الفن بدلا عن أعداد كبيرة من السياح في يوم واحد. ولتحقيق ذلك، تم وضع برنامج يتضمن ٣٠٠ عرض وورشات عمل ومعارض تتراوح بين الموسيقى وفن الطبخ مرورا بالقراءات العلنية.
وتابع دي روجيري “كل شخص يجب أن يساهم بشيء مثل كتاب أو أن يوضح كيف يريد المساهمة في تحسين الثقافة الأوروبية”. ويمكن لمواطني ماتيرا دفع مبلغ ١٩ يورو للحصول على “جواز سفر” يسمح لهم بحضور كل الفعاليات. وهم مدعوون إلى الاستلهام من مناظر المدينة وأجوائها لكتابة نصوص وإنجاز منحوتات واستحداث منشآت ستتحول بدورها إلى معرض.
وتبدو المهمة في ماتيرا شاقة حيث أنها مدينة لا يتوفر بها مطار ولا على قطارات سريعة، فيما أن الطرقات المؤدية إليها متعرجة وعلى حافة وديان.
وماتيرا مدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية منذ ١٩٩٣ ما ساهم في شهرتها.
كما صورت أفلام كثيرة حول أيام المسيحية الأولى في أزقتها التاريخية الضيقة بما في ذلك فيلم “ذي باشن أوف كرايست” لميل غيبسون.
ويعج الجزء الأسفل من ماتيرا حيث يمكن زيارة ١٥٠ كنيسة تتضمن رسومًا جدارية قديمة بالعمال الذين يجهدون لترميم منازل حولت إلى فنادق صغيرة.
احجز رحلتك إلى إيطاليا احجز فندقك
لأفضل عروض الرحلات الجوية وخيارات الإقامة الفندقية:
إقرأ أيضًا:
عادات وتقاليد الصين .. اكتشف موروثات ثقافية أضفت للبلد الأسيوي مزيج حضاري مميز!
تعرف معنا على مناسك العمرة وشعائرها .. وخطط لها معنا في شهر رمضان الكريم
كتالونيا ليست عن برشلونة فقط .. اكتشف١٢ قرية كتالونية رائعة يتزين بها الإقليم الإسباني!
أسامة عبد العزيز
سحر المغرب: أفضل التجارب الصيفية لعام ٢٠٢٤
٣۰ يوليو ٢۰٢٤
لماذا تعد عمان واحدة من أفضل الوجهات السياحية لقضاء عطلة الصيف في الشرق الأوسط؟
٣۰ يوليو ٢۰٢٤
المغرب: استكشاف المدن الإمبراطورية الغنية بالتراث والجمال
٢٥ يونيو ٢۰٢٤
المغرب في أسبوع- أطلق العنان لرحلة مثالية مع دليلك الكامل للسياحة في أرض التنوع
٢٤ يونيو ٢۰٢٤
من الفن إلى الترفيه: دليلك إلى أكثر الفعاليات المنتظرة في أبوظبي لعام ٢٠٢٣
٩ أكتوبر ٢۰٢٣
استعد غدًا لمهرجان سان فيرمين الإسباني الأكثر إثارةً وغرابة بمجموعة خاصة من الأنشطة السياحية
٥ يوليو ٢۰١٨
الأهرامات ليست فقط في مصر .. اكتشف أروع الأهرامات لحضارات عالمية
١٢ فبراير ٢۰١٩
القصور الأكثر شهرة والأكثر جمالًا حول العالم… تعرفوا عليها معنا (الجزء الأول)
٢۰ أبريل ٢۰١٩
الجوف .. أرض الآثار والزيتون والنخيل
١۰ أكتوبر ٢۰٢٢
اثنين من أشهر المهرجانات العالمية تنتظرك في شهر يوليو .. لا تفوت زيارتها
٢ يوليو ٢۰١٨
أجمل حدائق العالم .. اكتشف بقاع زهرية رائعة تنطق بجمال الطبيعة وتبعث على السلام!
٣۰ سبتمبر ٢۰١٩
باقة مختارة لـ 10 وجهات حالمة لقضاء عطلة رائعة لعيد الأضحى 2019!
١۰ أغسطس ٢۰١٩
أشهر رحلات الكروز حول العالم .. اكتشف أروع الرحلات البحرية على متن السفن المتنقلة بين أجمل الوجهات
١١ مارس ٢۰١٩
مع اقتراب شهر رمضان .. تعرَّف على أشهى الأكلات والأطعمة في الوطن العربي
١٤ مايو ٢۰١٨
الفندق المثالي لعطلتك!… أفضل ٥ فنادق فاخرة لعطلة ساحرة لن تنساها
٨ ديسمبر ٢۰١٨
ماتيرا، إيطاليا .. من مؤشرات الحياة الصعبة إلى تحقيق لقب عاصمة الثقافة الأوروبية ٢٠١٩!