الكعبة المشرفة

الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس لعبادة الله وحده لا شريك له ، بناء شامخ في قلب الحرم المكي الشريف، تهفو إليه قلوب المسلمين، وتحط إليه أنظارهم ورحالهم.

ونسب الله عز وجل البيت إلى نفسه إعلاماً لخلقه بما له من قداسة وحرمة وجلال، وتكريماً له وتشريفاً، حتى يكون في الأرض للناس جميعاً يلوذون به، ويثوبون إليه، ويجدون فيه أمن النفس من الخوف والجوع فيعبدون الله في رحابه. وسميت الكعبة نسبة لتكعيبها وهو تربيعها وكل بناء مرتفع (كعبة) وقال النووي: «سميت بذلك لاستدارتها وعلوها وقيل تربيعها في الأصل».

وأرشد الله إبراهيم عليه السلام إلى مكان الكعبة المشرفة، وأمره ببنائها، فبناها، ودعا مرة أخرى، فقال: «رب اجعل هذا البلد آمنًا»، ثم دعا في الثالثة بقوله: «فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون». فسكنت فيه أقوام مختلفة، وتعاقبت على ولاية الكعبة العمالقة، وجرهم، وخزاعة، وقريش، وغيرهم. وقد كان بناء إبراهيم للكعبة من خسمة جبال، من طور سيناء، وطور زيتاء، ولبنان، والجودي، وحراء، وكانت الملائكة تأتيه بالحجارة من تلك الجبال، فكان هو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهذا الأساس حجارته من جبل حراء. وقد جعل إبراهيم عليه السلام للكعبة ركنين فقط، الركن الأسود والركن اليماني.

وكانت الكعبة موضع تعظيم وإجلال الناس والولاة على مكة، يعمرونها ويجددون بنيانها عند الحاجة، ويكسونها، ويحتسبونه فخرًا وتشريفًا لهم، حتى جاء الإسلام فزاد في تشريفها، وحث على تعظيمها، وتطهيرها، وكساها النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة بعده. فكانت قريش قد أعادت بناء الكعبة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتركت جزءا من البيت تابعا للحِجْر. ثم بناها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ما بين سنة ٦٤ – ٦٥ ه، وهو أول بناء للكعبة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي سنة ٧٤ هجريًا في عهد عبدالملك بن مروان نقض البناء من جهة الحجر، وسد الباب الذي فتحه ابن الزبير، وأعاده إلى بناء قريش.

واتفق المؤرخون على أن الكعبة المشرفة بقيت على بناء عبدالملك بن مروان ولم تحتج إلى بناء جديد، ولم يصبها وهن ولا خراب في الجدران، وكل ما احتاجت إنما هو ترميمات وإصلاحات حتى عام ١٠٤٠ه. حتى كان عهد خادم الحرمين الشريفين المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حين لوحظ بعض التلف في بعض أجزاء الكعبة المشرفة فأمر بترميم الكعبة المشرفة ترميمًا كاملاً شاملاً من داخلها وخارجها على أحسن وجه، وبدئ العمل في شهر محرم عام ١٤١٧ه وانتهى منه في نفس السنة في شهر جمادى الآخرة، فآلت إلى أحسن حال بعد ترميمها.

والكعبة المشرفة هي على شكل 'حجرة كبيرة' مربعة الشكل، مساحتها عند قاعدتها ١٤٥ مترًا، وارتفاعها ١٥ متراً، تتوسط المسجد الحرام تقريباً. وملحق بـ'الكعبة' أبنية وأجزاء صغيرة، صارت من تكوينها، ويبلغ عدد أجزاء الكعبة ومكوناتها ١٣ جزءاً، وكل منها يحمل اسماً خاصاً به:

كسوة الكعبة، والحجر الأسود، وحجر إسماعيل، ومقام إبراهيم، وركن الحجر الأسود، والركن اليماني، والركن العراقي، والركن الشامي، وباب الكعبة، والميزاب، والملتزم، والشاذوران. وخط مرمر البني.